انتابتني العديد من المشاعر بعد انتهائي من قراءة تلك الرواية. شعور بالإحباط من قراءة رواية دون المستوى لكاتبة أحبها كثيرا. شعور بالنجاة من المجازفة بدفع انتابتني العديد من المشاعر بعد انتهائي من قراءة تلك الرواية. شعور بالإحباط من قراءة رواية دون المستوى لكاتبة أحبها كثيرا. شعور بالنجاة من المجازفة بدفع مبلغ كبير من المال لشراء رواية بمثل هذا المستوى. وأخيراً شعور بالتعجب من التقييم المرتفع التي نالته تلك الرواية.
أدين لإيزابيل ألليندي بالكثير، فهى المؤرخة القصصية العظيمة الرائعة التي "فتّحت" عيناي على أحداث تاريخية لم أكن أعلم شيئاَ عنها من قبل. ففي كل رواية ترحل بنا إلى أزمنة وأماكن مجهولة، وبقوتها الاستثنائية في الحكي، تجعلك حاضراَ في المكان والزمان، غير قادر على ترك الرواية حتى تنتهي منها.
في سفينة نيرودا تحكي ألليندي عن حدث تاريخي مجهول بالنسبة لي، وهى محاولة الشاعر بابلو نيرودا إنقاذ معارضي الديكتاتور فرانكو وذلك بنقلهم عبر رحلة بحرية إلى دولته "تشيلي" ومن ثم إعطائهم الفرصة لبدء حياة جديدة بعيداَ عن بطش ذلك الديكتاتور.
حكاية بدأت بتميز وقوة ألليندي التي اعتدها في كل حكاياتها السابقة. أسرة أفرادها مثيرين للاهتمام كشخوص أدبية، دولة "اسبانيا" تعرض شعبها للظلم والقمع لزمن طال قبل أن تلوح بادرة أمل في الخلاص من ذلك الظلم. كنت مستمتعة حتى تحركت السفينة بمن كتب لهم نيرودا النجاة ووصلت إلى تشيلى، ومن هنا بدأ الهزل.
في حكي عشوائي أراه يشبه حكي من يتحدث وهو نائم، تتحرك ألليندي بين الأبطال والأحداث دون أي نوع من النظام أو المنطق. وهذا بالمناسبة أسلوبها المعتاد والتي كانت تتقنه بمهارة مثيرة للإعجاب فيما سبق وقرأته لها. ولكنها في سفينة نيرودا نجحت بمهارة مثيرة للإعجاب أيضا في إصابتي بالملل واللامبالاة تجاه ما يحدث وتجاه أبطال الرواية.
كليشيه البطلة المندفعة التي تقع في غرام أهوج يتسبب في حملها ومن ثم سقوط الجنين واحساسها بالندم على تلك العلاقة. كليشيه تكرر بشكل مزعج في كثير من روايات ألليندي. ولكن كانت البطلة تمضي في النهاية في سياق له معنى ومنطق. كنت تعرف لماذا أحبت ولماذا كرهت وما الذي خرجت به من تلك التجربة. ولكن هنا أمامي بطلة تحب ثم تكره ثم تتساءل في وسط القصة هل عادت للحب القديم أم لا ثم تتذكر فجأة أنها تحب زوجها، ثم نكتشف في النهاية انها لم تحبه، ثم تتساءل وهى في السبعين من العمر هل مازالت تحب الرجل الأول أم هى مجرد تفضل تناول الفاهيتا بالصلصلة الحارة.
علاقة فيكتور بروزور علاقة سبق وأن قدمتها ألليندي في رواية "العاشق الياباني". علاقة عجيبة ولكنها كانت في العاشق الياباني ذات قوام أدبي متماسك ومنطقي جعلتني أحبها رغم غرابة شكل هذه العلاقة. ولكن في تلك الرواية كانت العلاقة عبثية سخيفة بلا معنى. مثل باقي العلاقات المجنونة في تلك الرواية.
كنت متأكدة من شىء واحد خلال قراءتي، وهو أن ألليندي نفسها لم تكن عليمة بما كانت تفعله وهى تكتب تلك الرواية.
لأول مرة أرى ألليندي تستعرض مهارتها وهى تعطي درس تاريخي ممل ومقحم ومهترىء.كل ما ذكرته من الأحداث السياسية التي جرت في تشيلي قبيل حكم بيونشيه سبق وأن كتبتها بالنص والحرف في روايتها الأولى بيت الأرواح، فلماذا تعيدها علينا مرة ثانية؟ محاضرات طويلة لا تنتهي عن إبن خالتها ولا ابن اختها سلفادور ألليندي كنت أتعجب وأنا أقرأها، هل هذه إيزابيل التي أعرفها؟ إيزابيل التي كانت تجعل من التاريخ رحلة ممتعة؟ إيزابيل التي كانت تعرف متى تسهب في الحكي ومتى تختصر؟ إيزابيل التي تخرج من رواياتها وانت ترى شيئا في الحياة لم تكن تراه من قبل؟
لأول مرة أتخطى صفحات وصفحات وأنا أراها تجىء لنا بشخصيات من الشرق وتضعهم في الغرب، تحي الموتي وتميت الأحياء، تنجب العاقر وتشل السائر وتفتح المندل لجل ما تطول في الرواية بأي هبل وخلاص.
أتمنى أن تكون تلك الرواية مجرد "غلطة" من غلطات كبار الكتاب المعتادة. وأن لا تكون بداية تدني مستوى الكتابة لروائية عظيمة مثل إيزابيل ألليندي....more
كالمعتاد من إيزابيل ألليندي، أقف عاجزة أمام موهبتها الاستثنائية والجبارة في الحكي. وقدرتها المذهلة في رواية حكايات عن بلاد لم تراها ومعارك لم تشهدها وكالمعتاد من إيزابيل ألليندي، أقف عاجزة أمام موهبتها الاستثنائية والجبارة في الحكي. وقدرتها المذهلة في رواية حكايات عن بلاد لم تراها ومعارك لم تشهدها واشخاص لم تعرفهم وأزمان لم تعاصرها. روايات تلك المرأة هى الوصفة السحرية والعلاج الأكيد لكل من يريد أن يهرب بعيدا عن واقعه.
ولكن في هذه الرواية لاحظت انها كانت "تتلاعب" بالشخصيات بشكل غير معتاد. فنجد انها سلطت ضوءا قويا على شخصية ما، ثم "هوب" فجأة تلقي بتلك الشخصية إلى الظلام لتأتي بغيرها. أحسست وكأنها لا تريد للقارئ أن يرتبط بأي منهم، فكلهم راحلون، ليس رحيل الموت الإجباري، ولكن رحيل "التهميش". أعطتنا ألليندي الإيحاء بوجود عريض لشخصيات عدة في الرواية، ولكن في النهاية تفاجأ بضآلة المصير الذي ينتهون إليه.
ولكن الأمر اختلف مع "باولينا دل بايي" التي رسمت شخصيتها بمهارة واقتدار من البداية إلى النهاية. وكأن ألليندي لم تكترث في الحقيقة إلا بها. شخصية تختلط تجاهها مشاعر الكراهية بالحب. مهما كرهت جشعها وانانيتها، فإنك في النهاية لا تملك إلا احترام صدقها وشجاعتها وصلابتها.
كذلك نهاية الرواية كانت تكرارا لما عرفناه من قبل. أو على الأقل يمكن بقليل من الجهد أن نتوقع حدوثه. أو تفسيرا لما هو كان واضحا جليا من البداية ولم نكن في أي حاجة لمعرفته. ماعدا تفسير حلم أورورا، وذلك أيضا لم يكن بمفاجأة كبرى للقارئ....more