Mohammed's Reviews > آلموت

هل هناك حقيقة مطلقة أم أن الأمر نسبي، يتوقف على إيماننا به. فما نؤمن به هو حقيقي بالنسبة لنا، وبالتالي فحقيقتنا هي من صنعنا نحن. فرضية تسبب الصداع.

الفانتازيا التاريخية كما يجب أن تكون: حقبة تاريخية مثيرة، معلومات كافية عن الظروف السياسية والاجتماعية لإدخال القارئ في جو الرواية، سرد سلس وأحداث شيقة. علاوة على ذلك نحصل على هدية إضافية: جرعة فلسفية تجلب الدوار الفكري. بالنسبة لي، هذا يمثل عرضاً لا أستطيع رفضه.

طائفة الحشاشين هي إحدى أكثر الجماعات غموضاَ وإثارة للفضول في التاريخ. لا بد أن البعض يؤمن بكل ما نُسب إليهم بينما سيشير البعض إلى أن في الأمر شيئاً من المبالغة، التشويه والخرافة. في كل الأحوال نحن هنا بصدد عمل أدبي، وعلى من يريد البحث والتقصي اللجوء لكتب التاريخ. وحتى هناك، أتوقع أنه لن يجد معلومات دقيقة. لذا يتدخل الأدب لنسج واقع افتراضي يفسر الشذرات التي حملها لنا أثير التاريخ.

وراء الأحداث المتتابعة، ثمة أفكار عميقة وخطيرة عن كيفية التحكم بالأنصار وتوجيههم. لا بد للقادة من خلق واقع معين يضمن لهم ولاء الجماهير وطاعتهم. يطرح الكاتب، وراء ستار الأحداث والحوارات، كيفية إلباس الأهداف السياسية، الشعوبية والسلطوية بلباس الإيمان والرغبة في الدار الآخرة. كل ما سبق تتوِّجه فلسفة حسن الصباح، كما صورتها الرواية، التي تمزج ما بين العبثية والقدرية واللا أدرية، في نقطة متوسطة ما بين الجنون والعبقرية.

لا شك أن الجنة المزعومة التي أشرف على إنشاءها حسن الصباح تمثل نقطة محورية في الرواية، سواء من حيث التشويق، المساحة الورقية، أو من حيث ما ترمز إليه بالنسبة لكافة الأحزاب والجماعات. لا بد لتلك الكيانات من جنة موعودة، أرضية أو سماوية، لتحفيز المؤمنين بقضيتها. لأغلب التيارات حبوبها المنومة، مشروبها المخدر الذي يسهل انقيادها وتصديقها لكل ما يقال. وقبل هذا وذاك، لكل منها نخبة وزعماء يجنون الثمار على حساب تضحيات الأتباع. والمضحك أن الزعماء قد يكونون أقل المؤمنين إيماناً بالقضية التي يروجون لها.