Shatha H's Reviews > الساحرة الهجينة

الساحرة الهجينة by Osamah M. Al Muslim - أسامة...
Rate this book
Clear rating

by
67898049
's review

it was amazing

.
ما الذي أخّرَكِ؟
-شيءٌ مما يصعبُ شرحه.

لكنني قد وصلتُ اللّيلَ بالنّهار في سفري حتى ساقتني اللهفة -أخيراً- لأرض أُسطُورتي أُسطُورةَ "بساتين عربستان"..
.
كانت البداية مُعَطرة بدّمِ (الماران) ..
-لا عُدِمت يداكِ يا "ذئبة الجبل"
استقبلتني خيرَ إستقبال ..
وأنّي لأتُوقُ لمعرفتكِ يا مُلثّمة!
.
سمَاء أرض "بساتين عربستان" هذه المرة
تَبرق وترعد مُلَبّدةً بالغموض قبل الغيوم ..
وشتائها قاسٍ كقسوة طفولة (شاور) التي
تعثرت بها عند البدء .. فما كلُّ بارقةٍ تجودُ بمائِها ..
.

ارتحلتُ مع "روح العرب" وفرسها -الغبساء-
التي سَابقت الرِّيحَ في عدوها ..
وتعجبتُ معها لقصة "التاجر العقيم"..
و ما كشفه (شاور) من خططٍ مُبطنة وكراهية مُضْمَره تُحاك في مخبأ "الطائفة الجنتية" لغرسِ الأحقاد وتفتتِ الأكباد ..
.
وقضيتُ مع (هند) -في الواحة- ليلةً عصيبة
و التي فقدت من خلالها الكثير ..

ماذا حدثَ معها؟
شيءٌ مما يُنْدَى لهُ الجَبِين!

ابنة معناد، التي ما كانت إلا السّيف
الذي جردوه (الطائفة الجنتية) و سيقطعُ أيديهم ..
.
حفظتُ -من عَجبِي- نص العهد الذي قالته (هند) (للسيد الكبير)
عن ظهر قلب .. من وقع سّحره على نفسي ..
فهو كما وصفته (هند) لمن سألها عن معناه بقول
"الحرف النقي يعكره التفسير"
-ما أحسنَ قولكِ! يا ابنة (معناد) .
.
مررت بقصة (قماد) وزوجته اللَّعُوب (شادن).
هذه القصة لن يزول ألمها من قلبي
"ولا أريد نسيان الألم أبداً فهو كل ما تبقى لي منها" ..
وأقسم .. أنها لم تهزني خسارة أحد من
بعد (دعجاء) كما هزتني -خسارته- ..

(قماد) ذلكَ الكابُوس المُخيف الجاثم على صدر الملك الظالم وجنوده ..
حتى ذاع صيّته في كل مكان، وتردّد اسمُهُ على كل لسان ..
فلا عجبَ أن أطلقَ عليه الأَهْلُون لقب: «الفَارِس المخلد» فهو فَارِس الفوَارِس، وليسَ في الدنيا فِدائِيّ ثائر في مثل بُطولة ..

ماكان بهم أن يجربوا غليان الدّم
في عُروقه بقتلهم صاحبته و حبيبته ..
وما كان منهم أن يصيّروا عيناه لجمراتٍ مُقتّدة، وكبدهُ لنار مُتأجّجة .. لكنه قدر الملك (جبليس) حيث سعى بنفسه لإختيار من يغمدَ سَيفهُ في صدره..

ولن أهضم حقّ (ربيعة) البطلُ الخفيّ؛ الذي كنتُ أتَوسمُ بهِ الخير، فقد ختم حياته بأسمى عبارة: "لقد سئمت حياتي البائسة وأريد أن أختمها بتضحية تستحق" ..
.
ظننتُ بعدها أنها آخر عهدٍ لي مع الأحزان ..
حتى استنطقت (كُميت) أختها (رافدة) بقول: أريدك أن تخرجي ذلك الهم الذي أراه في عينيكِ وأسمعه في كلامكِ، وبدأ مؤخراً ينعكس على تصرفاتكِ ..الهمومُ أحزانٌ تتشبث بنا قبل أن ترحل .. ساعديها على الرحيل بالحديث عنها.."
فما كان من الأخرى إلا أن يكون جوابها أن تذرف عيناها ماء مالح سالَ على الخدين ..
لكنها ليست بأفضل حال من أختها (كُميت) ..
الذي عجز القلب في أن يلوم فعلتها بأبيها، حتى صرخ به العقل وقال: بل أنها لمَغَبّة فعل والدها بها ..
كما هو الحال مع مَغبّة فعل والد (رافدة) بها الذي وَأَدَ بها كل شيء عدا جسدها ..
.
أني أحبك وسأفديك بحياتي لو احتجتِ لذلك يوماً ما ..
-هذه أجمل وأصدق عبارة قالتها (رافدة) لأختها (كُميت) تجلّت بها معاني الحُب الغير مشروط..
ومن بعدها لم تعُد إحدهُمَا تُطِيقُ فراق صَاحِبِتها بعد اليوم ..

كانت تشدني ردود (رافدة) على (الساحرة الهجينة)
بعكس هدوء (كُميت) والتي كانت ذات صبر باهر وأدبٍ ظاهر، فليسَ كلّ أحموقةٍ تَردُّ عليها . حتى صرت أتُوق لسماع لذيذ منطوقها وأسألتها التي دائماً ما تكون في محلها .. على النقيض مع البدوية التي أخذت حصتي الكبرى من الضحك والعجب من حُنُق ردودها وسرعة هَدْر صبرها وسهولة استفزازها ..
.
وقد مضى زمنٌ طويل على سؤالي من أنقذ (أفسار) وأبقاها في كوخ فوق جبل مُتجمد تتلقى فيه السّحر من الكتب النادرة لخمسة أعوام ..؟
حتى كُتِب لي العمر -أخيراً- أن أشهد الإجابة في هذا الجزء ..

.
كنت أجهل مشاعري نحو (أنمار) حتى قالت كلمةً حين عبرت عن خالتها (أفسار) بقول: "أرادت خلق شوكة في خاصرة العرب من خلالي، وتلك الشوكة سترتد بعينها في القريب العاجل .."
أنها تتَحيّنُ الفُرصة فقط لتثبت لنا ولائها لأرض أمها، أم حنينها لدّمِ والدها .. فإن لم يصدق كلامها فعلها ففي عرُوبتها نظَر!
.
مهلاً أهي مخيلتي وحدها من صورت كل هذا؟
أم سّحرُ المشهد المُهيب الذي تركَّب حرفاً إلى حرف كما بَدَا لي؟
خيوط الشمس الحمراء، التي قطعتها سرب الغربان التي تهاوت أجسادها على الأرض الواحد تلو الآخر مُتشكلين على هيئة بشر ..
وأي بشر من يحملون على رؤوسهم الهالة .."المتنورون" ..

هذا المشهد فيه ما يخلب الألباب كما يخلب البَرق الأبصار ..
واستمر بيّ الحال كذلك مع كل مشهد بديع ..
فَلمْ أدْرِي -من كثرةِ الدّهشَة- أفِي يقظةٍ أنا أم في منام؟!

-أنه أحد أنواع السِّحْر يسمى "سحر الوصف"
و آهٍ لم أفق بعده، إلا بعدما فارق "المتنور" روحه وفقدت (أنمار) وعيها تحت أقدام (رافدة) التي أنقذتها كما البَاشَق ..

أُعجِبتُ بما قالته (أنمار) (لعوراء) -ذات مُصارحةً- قائلةً:
"مع الحب تأتي الغيرة، وهي شعور مدمر احذري منه"
-لم تبالغي يا (أنمار) في التحذير منه، فهو شعور أشبه بالحجر الأسود الذي ألقتهُ (رافدة) على صدر (المرشد من الجن)
وكَبّل حركته وشَلّ تفكيره وسبَى عقله ..
وأقصد (بالمرشد من الجن) ذلك الرجل من الجن ..
الذي" لا يملكُ ظلاً من شمس، ولا يترك أثراً بالأرض"
مثلما أنَّ الغيور "لا يملكُ حكمةً في عقل، ولا يترك بصِيرة بالقلب" ..
.
كذلك وتألمتُ من نُوَاح (أنمار) التي لَحظْتُ
خلال انفجاراتها مدى بؤسها وشدة حزنها ..
-أن المجنون يطمئن لرؤية مجنون مثله يا صاحبة الجنون الجميل أو "الساحرة الهجينة" كما يُحب أن يناديها موُجِدها أكثر من اسمها الصريح ..

مع أنّ جنونها هو ذاته الذي قادنا لمدينة "تاج الملوك" الذي ذكر فيها عجوز -من الجنّ- ذكرى، دَفَقَ منها أدمعي .. كيف لا وذكراها تُجج عاطفتي، وتستثير عبراتي.. (دعجاء) التي ذكرُها وحده من يثبت لي أنني -لم أتغير- ولائي وحبي،وعقلي وجنوني ..
و يذكرني أن السنين لا تجري بنا وبأنها محبوسةٌ بداخلي كما حُبس وأسر حشودٌ من الجن بداخل "المدينة المفقودة" ..

أأقولُ شيئاً -غريباً-؟؟
منذ أن سلَّت (رافدة) سيّفها بوجه (العطبول) وهي صارخة في (عوراء) للإبتعاد هي و (دوسر)! حَسمتُ الأمر بأن كفة الثلاثة وأعني (أنمار ورافدة وكُميت) لن ترجح مع كفة (العطبول) وأن من صُرِخَ في وجهها لتتوارى عن الخطر هيَ وحدها
من سينَصرهم و يخلّصهم من فتك "الساحرة السندية" ..
مَا كُنتُ أحسبُ أن فراستي فيها سَتصدق ..

-يا لعجبي من سِرك المَحْجوب يا (عوراء) ..
.
قد هزتني بعدها مقولة (الساحرة الهجينة) حين
ألبست كلماتها رداء حزنها في جملة واحدة وقالت:
"أنا معطوبة ولن تطيق معي صبراً .."
ما كان ينقصنا يا (أنمار) إلا الدموع هيَ وحدها
التي ستأكد لنا أن هنالك قلب بنا ينبض ..
لا بأس، سهم القضاء أنطلق من قوسه، يا (هجينة)
والذي مضى لا يرجع ..

.
-يا لخُبْثكَ يا (مايزك) ..
أوهَمتنا وخدعتنا و اقْتَصصتَ منّا جميعاً ..
فلا غَرابَة من أنّ انتقاؤك جاء بعد
اِختبار صبرك الحَديديّ، وذكاؤك الاستثنائي ..
فقط لو أنكَ وفرّت دمعتك، كَيْ لا تكون سَابِقة بين الكَهنة القتلة أن يمتلك أحدهم -قَلْب-!
..
انتهينا من كُلّ نُّمرود وصُعلوك و مُتمرّد ..

لتأتينا من كان الصدق مطيّتها، والنُّبل والشجاعة دَيْدنها ..
من كانت أوفرهن عقلاً، وأثبتهن جناناً، وأشدهن حزماً
وأعلاهن حكمة ودراية .. وأعني (نافجة) بلا شكّ.
لترسم البهجة على أساريري، وتُوسم الفخر في صدري
بتعاملها مع من استضافوها في مضاربهم، وتمحي آخر دموعي وتحولها لقهقات على ما ألم بها من اِفتتان بالفارس (غسان) الذي رافقها ..
أعجبني كيف أنها كانت تعملُ حِساباً لكل طارِئ، وَتعدُّ العُدّةَ لكل احتِمال ..
و تُقبلُ دائماً على موتها كما يُقبل الحَبيب إلى موعدٍ مع حبيبه ..
هكذا باتت تحلمُ سواد ليلِهِا بتحقيق غَايتِهِا، حتى إذا باغتها فجر نهضت عزيمتها قبلها ..
هيَ وحدها من ستبدل حال أعدائها من قُوةٍ وعُنفٍ إِلى خُضوعٍ وضعف ..
كعجوز يزرع في الصحراء المُقفِرة أشجار النّخيل والزّيتون هو لا يآملُ أن يأكل من ثِمار ما زْرَع وعمره لن يمتد لجني ثماره. لكنه يعلم أنه لن يضيع عملُ المُجدّين المثابرين ..
وبنصرها ستزداد فورةِ الدّم وتدور الحميّة القوميّة في أفئدة العرب كما تدُورُ الرّحَى طاحنةً كل من لبسَ جلود النمر كما كان يكنّي العرب من امتلأ قلبه بالحقد والكراهية بذلك، لأنها أخبثُ السباع!
..
قد كان مشهداً حَمِيمي جداً على قلبي، حين تجمعوا بنات العرب حول "عجوز القدر" ليَستقوا من علمها وحكمتها ..
كما تَفعلُ الحَمائِم، حينَ تَهمُّ بالنّزُول على مَوضعِ الحَبّ!
وأيّ زادٍ أخْيَر من (القيقبون)! ..فقط لو أنها تترك عنها الصغيرة (عوراء) وتخرجها من رأسها!

^أضحك بشدة...
.

وكانت المفاجأة التي -تنتظرنا- أن تعود إلينا شخصيةٌ
قد شرب الدهر عليها وأكل، خرجت من خبائها بعدما ظننا
أنها في عداد النسيان وأعني (مهرناز) ..
(مهرناز)؛ التي ظننتُ أنني كَويّت ذكراها كيّ، كما كَوّت
عجوز القدر نجوم المتنورة المُنشقة (هند) من وجهها ..
.
.
-

مهما مرّتِ السّنُون، وتعاقبتِ الأجيالُ والقرون
سَتكون لهذه الأسطورة رفاً منفرداً بمكتبة التَّارِيخُ!

ختاماً ..

أُسطُورتي أُسْطُورَةَ "بساتين عربستان" ..
قد ولّى وانتهى زمن الإندهاش بصاحبك و أقصد بهِ
ذلك الذي استل قلمه من غمده وأُجَدكِ
واستدلينا بذلك على جودة عقله وبديع مُخيّلته ..
فقد أصبح يتفنن بالسيطرة علينا بعدما
أحكمَ خيوط مشاعرنا في يده ..
فإنّ أسهل وصف هو أن تصف مشاعراً طارِفة طرأت عليك لأول مرة، لكن أصعبها هي التي تسكنك وتعايشت معاها للحد الذي تعجز فيه عن وصفها ..
وهذا ما يحدث معي بعد أن حُبست في عالمك وأجدني عاجزةٌ عن وصفه ..
.

مهلاً لم أنتهي ..
هَلاَّ أخبرتُكِ من أين جئت ؟
من زمانٍ فاجعٍ .. تتهاوى بهِ الجثثٌ بالمئات ..
و تتشرد منه البيوت والعائلات ..
من عدوٌ لا يرونه ..
ينددون بزحفة وهو غير مرئي ..
لا تُراق الدماء في مواجهته سيلاً،
بل تصعد منه الأرواح تباعاً..
لم ينتخبوا فارساً للتصدّي لهُ بعد ..
فرسانهم ليسوا جنوداً على دوابٍ من أربع قوائم ..
بل مجرد حُقَن يُدفع بها السّائل أو الدّواء بالأبدان ..
و جميع الأرض قاطبةً تُشدد وتنادي
" ألا تخرجوا من منازلكم و ألا تغادروا دياركم "
لكني تمرّدت ..
تَسلّلت وإليكِ أتيت ..

تَصوّري!
عدو بلا عَتَد، وزحفٌ بلا دَبِيبَ ..
وتصوّري أن أجد بكِ كل ما هو معقول ..
وأجد في واقعي كل ما تسترسل بهِ المُخّيِلة!
حتى جعلتُ اهمس في نفسي وأنا في طريقي
إليكِ وأقول: أسوأ الأعداء هو الذي تفرض علينا قوته
التعايش معه، ويهددنا جبروته بالفتكِ بنا بأية لحظة ..

-لا تجبريني .. كأنني لا أريد أن أعود ..
كأنني أخافُ أن أعود .. فلم أترك خلفي سوى ..
حديث العالمين عن حزن الأبد، ويتمُ الولد، وحسرةٌ لا تَنْفد ..

لا بأس .. وأن أجبرتني على العودة ..

فكما قالت(القيقبون):
"إذا لم تحدث معجزة، فلا تطلبي مني التفاؤل"
فالحياة الواقعية ليست عادلة أبداً،
بل كما قال (فارسي المُخلد):
" أن العدالة في الموت فقط.."


من الحَجْر المنزلي 20 مارس/ 2020م

.
42 likes · flag

Sign into Goodreads to see if any of your friends have read الساحرة الهجينة.
Sign In »

Reading Progress

Finished Reading
March 20, 2020 – Shelved

Comments Showing 1-3 of 3 (3 new)

dateDown arrow    newest »

ميمو عبدالله هدية جميلة مقدمة من مكتبة العبيكان
تستطيع قراءة جميع الكتب مجاناً من خلال تطبيق سيمانور
لمدة 3 أشهر
كل ما عليكم تحميل تطبيق سيمانور


Quatr Elnada♡ مراجعة جميلة جدا جدا و شاملة بوركت أناملك ❤️


Shatha H شكرًا لذوقك🌹


back to top