Heba's Reviews > الأموات

ما أن تبدأ الحكاية ..و إذ بها تعلن النهاية ، أليس هذا مُحبطاً ؟؟.....
حفلٌ راقص يضم عدد من المعارف والأصدقاء يقام سنوياً في منزل الآنستان " موركان" ..حسناً أين هنالك الأموات ؟!!..
ما أن تنضم للحفل حتى يراودك الشك بأن جميع المدعوين أشباحاً....ولكن دعنا نُسلط بقعة من الضوء على أحد المدعويين وهو السيد " غابرييل" ..عذراً فيبدو أن الكاتب "جميس جويس" لن يدعك دون تحليل تلك الشخصية تحليلاُ تفصيلياً ودقيقاً ..لأنه شخص يمثل أشكالاً مختلفة وأطيافاً متنوعة للموت....
بالرغم من حفاوة الضيافة بذلك الحفل إلا إنه يشعر بالهزيمة أمام محادثة قصيرة لم يقل بها كل ما يريد قوله وعندئذٍ بغتة يشعر برغبة جارفة في الخروج من الحفل والتنزه وحيداُ في تلك الليلة الثلجية ..وسرعان ما تخمد تلك الرغبة وتخبو كما لم تكن... لقد شعر بالعزلة رغم حضوره وسط الجميع...ذاك صورة من الموت...
ألقى بخطبة قصيرة على مسامع الحضور يتبين لك منها اذا ما تأملنا أحزاننا وتقصينا جذورها بذاكرتنا ..ولم نتوقف عن استدعاءها سنسقط لامحالة في الهاوية ونفتقد القدرة على المواصلة ..يتراءى لي أننا نصبح قوالب جامدة باردة ..إنه الموت...
يأتي حديثه مغرقاً في المجاملات الباهتة المتحذلقة ..إنها محاولة لاثبات حضور من يؤمن بأنه ليس له وجود..اليس ذلك مرادفاً للموت ؟....
وأخيراً تكشف له زوجته ببراءة تامة عندما تسمع مقطوعة موسيقية لأغنية ما، عن ذكرى أحدهم أحبها يوماً وكان يرددها على مسامعها وقد مات شاباً..
عندئذٍ تقترب روح السيد " غابرييل" من المنطقة التي تقطنها حشوداً من الأموات ، باتت ذكرى الشاب طيفاً شبحياً يمثل أمامه واذ به يتلاشى وجوده من عالمه لينتقل هو الى عالم الأموات..
يختتم "جويس" الرواية بمشهد تساق�� الثلج برفق ينقر النافذة ومن ثم كثيفاً يجثم على كل شيء....
الثلج هو الآخر سرعان ما يتضاءل..يذوب..يموت.....
جويس كاتب عظيم مذهل يدهشك بالتعرف على الأدب من زوايا جديدة ومختلفة لم تقع عيناك قبلاً عليها وهذا هو الإبداع....