ـ"كانت قاعة السينما المظلمة تبعث فيّ الافتتان؛ تبدو لي أشبه بمغارة غامضة، سرية، وغير مكتشفة على الدوام، فما إن نجتاز ستائر الباب المخملية السميكة ح||-
ـ"كانت قاعة السينما المظلمة تبعث فيّ الافتتان؛ تبدو لي أشبه بمغارة غامضة، سرية، وغير مكتشفة على الدوام، فما إن نجتاز ستائر الباب المخملية السميكة حتى يخامرني الوهم بالانتقال من عالم الواقع الفظ إلى عالم سحري"ـ
أيّ سحر تمارسه قاعات السينما؛ أذكر المرة الأولى التي زُرت فيها السينما قبل 6 سنوات حينما كُنت فالقاهرة، حقيقة ما شعرت به كان مختلف، شعور مليئ بالدهشة والافتتان، وما إن تنطفئ الأنوار ويعم الهدوء، ويركز كل من فالقاعة بالشاشة الكبيرة تشعر وكأننا نشهد على حدث مهم، وفي كل مرة أذهب للسينما أو حتى أخطط للذهاب للسينما يعتريني شعور بالسعادة؛ إنه سحر السينما !ـ
هذه الرواية أعادت كل هذه الأحاسيس وتربّعت في قلبي، حُلوة، شهيّة ومؤلمة، ماريا مارغريتا الفتاة الصغيرة التي تملك موهبة رواية الأفلام بخلقها من جديد بصورة مُبهرة -لم يصدف أن قابلت أحداً في حياتي بهذه الموهبة- لذلك كُنت سأدفع بلا شك حتّى أستمع لروايتها.ـ
إن رواية فيلم هي مثل رواية حلم ـ ورواية حياة هي مثل رواية حلم أو فيلم ـ
سواء كانت الحياة مصنوعة من مادة الأحلام حسب شكسبير، أو من مادة الأفلام حسب ماريا مارغريتا .. يبدو أن الأحلام والأفلام تتشابه، راوية الأفلام هي رواية حياة ماريا مارغريتا التي بدأت بـ حلم وانتهت بطريقة مأساوية جداً ، ولكن لا ننسى أنها حياة وقد تكون بهذا الشكل.ـ
وبذلك نتقدم خطوة لعالم إيرنان ريبيرا وعالم الأدب الأمريكي اللاتيني ،ـ
إنها إحدى تلك الروايات التي تُصيبك ولا تتعافى منها، إنها واحدة من الروايات التي تحتاج لوقت طويل جدا حتّى يفارقك حُزنها، حينما تقرأ "الجوع" أنت لا ت||-
إنها إحدى تلك الروايات التي تُصيبك ولا تتعافى منها، إنها واحدة من الروايات التي تحتاج لوقت طويل جدا حتّى يفارقك حُزنها، حينما تقرأ "الجوع" أنت لا تقرأ فحسب، بل تجري وتلهث وتنكسر ولا تتوقف حتّى تُنهيها !ـ
إنها الرواية الأولى لـ كنوت هامسون، هذا الكاتب النرويجي المذهل الذي تجلت قدراته الكتابية في عمل أول، وحتما هو عمل قوي ورائع، تدور الرواية حول فكرة الجوع بمعناه الحرفي أي الفقر، المجاعة، العوز وعدم القدرة على توفير طعام اليوم -مشكلة موجودة منذ الأزل وقد قضت على مئات الملايين ولا تزال- ولكن لا تركز عليه وعلى أسبابه بل تذهب إلى أبعد من ذلك فتجد كنوت يجيبك على سؤال "ما الذي قد يفعله الجوع في النفس البشرية ؟"ـ
بطلنا، شاب كاتب لا يملك ولا يجني الكثير من المال لأنه لا يملك عملا بل يعتمد في كسب لقمة عيشه على كتابة المقالات والتي قد يتوفق في بيعها للجريدة، وبذلك يكسب أحيانا بعض النقود التي تتلاشى بأسرع مما تتخيل، يصف كنوت معاناة البطل ونضاله أمام الجوع بأدق التفاصيل وبطريقة مرعبة ــ هذا الكاتب تجده يناضل لكتابة قصة أو مقال وهو لم يذق رغيف خبز لعدة أيام، ويبدأ الجوع يفترسه ويحول جسده إلى حالة من الضعف والنحول ويبدأ تأثيره في عقله وهنا يوضح كنوت "كيف يمكن للجوع أن يؤثر في عقل شاب متزن وقد تلقى تعليما جيدا" بالتالي في بعض الأحيان يدفعه إلى الجنون وتارة إلى الهذيان فيتخيل أحداثا وحوارات لم تحدث ويبدأ باختراع كلمات ومعان، وأحيانا يعمد إلى أذية الناس وتخويفهم والسخرية منهم ليخفف من هول معاناته ولكن سرعان ما يعدل عن ذلك ويلوم نفسه، وأحيانا على النقيض تماما يُساعدهم لدرجة تفوق قدراته مثل ما حدث مع مشرد الطريق حيث ذهب لرهن معطفه الذي لا يملك غيره وأعطاه ثمنه، وما حدث مع صاحب المتجر حينما أعطاه مبلغا زائدا عن طريق الخطأ كيف أثقله هذا المبلغ وكيف أثقل ضميره حتى تخلى عنه لبائعة الكعك وهو في حاجة إليه .. إنّه بعد كل شيء إنسان متمسك بأخلاق عالية !ـ
لماذا يفعل كل هذا؟ ماذا يحاول أن يبرهن ولمن؟! لماذا لم يخبر أحدا بحالته الحرجة ودائما يتصنع بأنّه على ما يرام ويعمل كما يجب !! إنه الكبرياء .. ربما ولكن كل هذا يجعلك تتساءل هل يا ترى كان يعاني من جوع على شكل آخر ؟! ليس جوع الطعام بل شيئا آخر .. كـ الجو�� للاحتواء، للانتماء، لشخص يفهمك لشخص بإمكانك أن تبوح له بكل شيء بأي شيء .ـ
في النهاية .. يتخلّى بطلنا عن الكتابة ويلتحق بالباخرة ليعمل بأشياء لا علاقة لها تماما بالكتابة، وهنا يبقى السؤال هل هذه النهاية واعدة بالأمل وبحياة أفضل أم أنها تساؤل آخر ومشقة أخرى !!ـ
إنها رواية تكسر ما بداخلك وتجعلك تفكر بشكل مختلف، تجعلك تفكر بمفهوم الجوع وما الذي نعرفه عن الجوع -إن كنت مثلي هو شيء بسيط ينتهي بمجرد وصولك لمطبخ منزلك- ولكن ليس بسيطا أبدا بل هو شيء مخيف ومرعب ومستفز بإمكانه أن يحول الإنسان لأبشع ما يمكن أن يكونه !ـ
رواية تستحق أن تُقرأ .. وتستحق ترجمة أفضل بكثير من هذه الترجمة !!ـ
ـ"لابد من وجود شيء ما في الكتب، لابد من وجود أشياء لا نستطيع تصورها، أشياء تجعل امرأة تبقى في منزل يحترق!"ـ
إذن ما الذي يوجد في الكتب؟ ما ال ||-
[image]
ـ"لابد من وجود شيء ما في الكتب، لابد من وجود أشياء لا نستطيع تصورها، أشياء تجعل امرأة تبقى في منزل يحترق!"ـ
إذن ما الذي يوجد في الكتب؟ ما الذي يجعل القراءة شيء ضروري كـ الهواء؟ لماذا يجب أن نقرأ؟ ما هذا الرابط العميق الذي يربطنا بالكُتب والقراءة؟ ولماذا نعد كُتبنا الموجودة في مكتباتنا الخاصة كأحد أبنائنا؟!!ـ
حسنا .. فهرنهايت 451، يتحدث عن أسوأ ما يمكنه أن يحدث بحق الكُتب، لن يجيب عن تلك الأسئلة ولكن حتماً سيجيب عن سؤال "لماذا لا يريد -النظام أو أي كان- منّا أن نقرأ؟"ـ في عالم تُكون فيه كل البيوت والمباني مضادة للحريق فلا أحد يتعرض لحريق مفاجىء وهذا أمر رائع؛ بالتالي لا أحد يحتاج لإطفائي ليمنع حريق ما، بل أن أنهم يحتاجون للإطفائي لـ إحداث الحريق والوظيفة الرسمية للإطفائيين هي تدمير الكُتب والمكتبات، يبدأ الأمر بإنذار أن أحدهم يملك كُتب ويذهب مجموعة الإطفائيين للمكان ويتحققون من الأمر وما أن يجدون الكُتب حتى يحرقونها بالمكان الذي يحتويها حتّى أن امرأة احترقت في بيتها مع كُتبها بالطبع باختيارها، ولكن من يستطيع أن يلومها !ـ
[image]
غاي مونتاغ، بطل الرواية ويعمل كـ إطفائي يعيش حياة عادية كـ باقي الإطفائيين، ينفذ الأوامر بكل طواعية -بدون أن يتساءل عن عمله وإن كان صحيح ولماذا تعمل الدولة على حرق الكُتب- حاله كـ حال الجميع، متزوج بـ مليدرد التي تقضي معظم وقتها في الحديث والثرثرة مع صديقاتها وعائلتها على الجدران -أي الشاشات المسطحة بحجم الجدران وهذه واحدة من الأشياء التي تنبأ بوجودها راي برادبوري-، وفي يوم من الأيام تظهر في حياته كلآريس، فتاة تعيش في الجوار تحمل في عقلها مكتبة، بالرغم من أن البعض يعتبرها غريبة أطوار وتحتاج لمساعدة نفسية لكونها مختلفة عنهم، تبدأ بالحديث مع مونتاغ وتطرح عليه أسئلة تجعله يتساءل ويفكر وبذلك تغيّر نظرته للحياة، تجعله في حيرة من أمره ونتيجة للفضول الذي بدأ يكبر في داخله تجاه الكُتب وما يحدث لها، قام بسرقة بعض الكتب ليقرأها علّه يعرف السبب لكل ما يحدث ولكن الأمر ليس بهذه السهولة !ـ
لماذا؟ لماذا يريد أي نظام أن يقضي على المكتبات والكُتب؟ لماذا يعيّن قوات فقط ليخفي هذه الكُتب من الوجود؟ ، كما ستأتيك هذه الأسئلة بكل سهولة ستأتيك الإجابة طواعية أيضاً ، لأنه وبكل بساطة حتى يسود الجهل وأي كان ما يتم تلقينه لك سيكوّن حقائقك ومبادئك، حتى يشعر الناس أنهم متساوون ولا يضطر أي شخص أن يشعر بالحرج حينما يتحدث مع شخص يقرأ بالتالي سيعيش الجميع بتفاهم !ـ
بالأخير، أحببت الكتاب لكن أيضا لم أحبه ! ،ـ أحببته لكونه يؤكد فكرة أن القراءة ضرورة نحتاج لها كما نحتاج للهواء والطعام، ولكن لا أعتقد أننا قد نصل إلى اليوم الذي سيتم فيه إعدام الكتب لكن رُبما سنظل نعاني من مشكلة العزوف عن القراءة وحتما هنا أتفق مع برادبوري "لا تحتاج إلى إحراق كتب شعب كي تدمر ثقافته، تحتاج فقط إلى جعل الناس تتوقف عن قراءة هذه الكتب" ـ
من ناحية أخرى، لم أحب الكتاب لهذه الأسباب :ـ 1- تخصيص أن من يقرأ هو شخص جيد، وأن من لا يقرأ ليس جيد .. وأن من سينقذون العالم من الضياع هم مجموعة القراء وأن البقية الباقية حتى لو نزل عليهم صاروخ ليس بالأمر الكبير.ـ 2- كل الشخصيات النسائية في الرواية مستفزة للغاية، جميعهم الزوجة والصديقات وكأن تم غسل دماغهم ما عدا كلاريس التي كان لها دور في تغيير مونتاغ التي هي أيضا شخصيتها ضعيفة وواهية، بالإضافة أن مجموعة القراء التي ستخلص العالم في النهاية أيضا لا يوجد بينهم إمرأة!ـ
وأيضا الترجمة سيئة جداً؛ قد تعيقك في القراءة ولكن بالنسبة لي لم تؤثر كثيراً .. أخيرا، الكتاب جيد، هادف ومن الكتب التي تود أن تقرأها لكونها ممتعة وأيضا قصيرة .ـ
المأزق الحقيقي الذي لا يتمنى أحدنا أن يقع فيه، هو أن يشهد على جريمة قتل، يتعرف فيها على القاتل، ومن الناحية الأخرى يراه القاتل ولكن لم يسعفه الوقت ||-
المأزق الحقيقي الذي لا يتمنى أحدنا أن يقع فيه، هو أن يشهد على جريمة قتل، يتعرف فيها على القاتل، ومن الناحية الأخرى يراه القاتل ولكن لم يسعفه الوقت لتصفيته، عند هذه النقطة تنقلب حياة الشاهد رأساً على عقب وتتحول لـ هروب ومطاردة واختباء، تتحول ببساطة لمأساة.
هذا ما حدث لـ لايسي فاريل .
لايسي وكيلة عقارات تعيش في منهاتن ، في أحد الأيام تشهد على جريمة قتل إمرأة تُدعى إيزابيل وارينغ، ولأن لايسي الشاهدة الوحيدة التي يمكنها التعرف على القاتل تُصبح حياتها في خطر، بالتالي يتم وضعها في برنامج حماية الشهود بإعطائها هوية جديدة وحياة جديدة بعيدة جداً عن بيتها، لكن في نهاية المطاف على لايسي أن تُصبح بطلة ومنقذة لحياتها بنفسها وعليها أن تحل لغز من يحاول قتلها .
مُختصر قصة إيزابيل وارينغ: إيزابيل أم لممثلة تُدعى هيذر، توفيت هيذر في حادث سيارة ولكن الأم لم تقتنع بأن وفاة ابنتها كانت طبيعية وأن هناك من تسبب بمقتلها، فتبدأ بالبحث والتقصي من خلال دراسة وتحليل مذكرات هيذر ومن خلالها تتمكن من حل لغز وفاة ابنتها ولكن قبل أن تستطيع إخبار أحد بالأمر، تتعرض للقتل على يد قاتل مستأجر، ولكن قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة تُعطي المذكرات لـ لايسي.
إذن، حل لغز من قتل إيزابيل ويحاول قتل لايسي مُرتبط بحل لغز من قتل هيذر، والأمر الأخير بالإمكان معرفته من خلال المذكرات، وبما أن القاتل مستأجر يعني أن القاتل الحقيقي هو شخص في حياة هيذر وستتضح المسألة عن طريق فك وتحليل مذكرات هيذر الشخصية والتي تدور حولها القضية. تُعطيك الكاتبة هنا أكثر من خيار تُحاول من خلاله أن تُخمن "من هو القاتل؟" ، وبالإمكان بناء أكثر من سيناريو -وإن كنت مُعتاد على الأفلام السينمائية الخاصة بجرائم القتل مثلي، قد ترجح السيناريو الصحيح- .
القصة جيدة ولكنها ليست صلبة بما فيه الكفاية، بطيئة نوعاً ما ، وهنالك بعض التناقضات الثانوية التي ضايقتني شخصياً، بالإضافة إلى أن النهاية غير مرضية بالنسبة لي تماماً، طريقة التعرف على القاتل كانت ضعيفة ولكن في نفس الوقت تبدو واقعيّة وهذا يجعلها مميزة، وبشكل عام تعتبر قراءة جيدة ومشوّقة .
الكتاب سيء أنا وقلبي وروح العالم والريح والصحراء وحتّى الشمس، جميعنا نتفق أن هذا الكتاب سيء .
الكُتب التي تهدف إلى إيصال رسالة من المفترض أن تحمل رس||
الكتاب سيء أنا وقلبي وروح العالم والريح والصحراء وحتّى الشمس، جميعنا نتفق أن هذا الكتاب سيء .
الكُتب التي تهدف إلى إيصال رسالة من المفترض أن تحمل رسالة صحيحة، وفي حالة تم تقديم الرسالة بصورة سيئة عندها جوهر الرسالة سيشفع للكتاب وسنقول عالأقل بأن الرسالة كانت جيدة، في هذا الكتاب الرسالة تقول: أن لكل شخص حلم أو رغبة -أسطورة شخصية- يود تحقيقها، وعليه أن يدرك تلك الرغبة ويؤمن بها إيمان كُلي ويتبع قلبه في سبيل تحقيقها، عندها كل شيء في الكون سيطاوع الشخص لتحقيق رغبته، كما أنّه لا يسمح لنفسه بأن يـشك أو يتساءل حول حُلمه لأن حُلمه يعرّفه ومن غيره لن تكتب له السعادة أبداً، بالإضافة أن الأشخاص الذي لا يدركون أحلامهم ورغباتهم أو أولئك الذين أدركوها ولم يعملوا في سبيل تحقيقها فجميعهم غير سُعداء ويعيشون حياتهم في خوف.
أنا أختلف كُليا مع الرسالة، لأنها غير صحيحة وسيئة جداً، أولاً ليست كل الرغبات والأحلام أمر جيد للمرء، من تاريخ حياتك الشخصي أنظر لرغبة أو حلم لم يكتب له أن يتحقق وكنت تؤمن بأنّه أفضل شيء من الممكن أن يحدث لك ولكن بعد مرور الوقت اتضح أنّه لم يكن جيداً وأن حياتك أفضل بدونه، ثانياً لو اتخذ أحدهم هذه الرسالة منهج حياة بصورة جديّة وكانت حياته صعبة للغاية، فسيعتقد أنّه الملام الوحيد في الوضع الصعب الذي يعيشه، عالرغم من أننا نعرف أن هناك ظروف وحالات لا تُقهر، أحياناً لا يكون للمرء قوة في تغييرها، ثالثاً كيف من الممكن أن تمارس حياة طبيعية وتستحق أن تُعاش إذا لم تشك في قراراتك وأسلوب حياتك واتبعت قلبك بصورةعمياء؟ أيّ حياة هذه؟
أعتقد أن الكتب التي تساعد المرء على تحقيق حُلمه ومن المفترض أن تلهمه، عليها أيضاً أن تواسي المنكوبين لا أن تزيد من بؤسهم، هذا الكتاب أزعجني جداً ولو لم أكن أملك نسخة ورقية بين يديّ ربما لم أكن لأكمله.
Tami Zaabi
>
Books:
fiction
(49)
Loading...
