الملل يعبث برمادك، وأصابعك تعبث بأزرار الهاتف الجوال.. ويدك الأخرى مازالت تقبض على الملف.. رنين..يسرّب الحياة لجهازك.. صوت قادم عبر الأثير يعلن حضوره بعد دقائق. تتأهبين..تشدين على الملف بقوة أكبر..شك يكسو عيني الحارس، فتكتفين داخلك بتجديد بناء الأمل المتداعي. تمتطين السيارة القادمة من خلف مرامي البصر. ترمين الملف..تنثرين أوجاعك بين يديه: - أبي..الظلمة تكتنف الطريق.. صمت يمارس طقوس الهيبة والوقار..سحائب تملأ الفراغ..ثم يأتي صوته..مطراً..خزامى..وشذرات فضة..ليقول: - ثمة شموس أخرى تتوارى خلف الأفق..مازالت تنتظر أن تكشفي عنها..
قاصة ومدونة سعودية حاصلة على بكالوريوس (رياض أطفال) من كلية التربية، بجامعة الملك سعود. كان لها أثرٌ ملموس في عالم التدوين والقصة في السعودية في حين لم يتجاوز عمرها الخامسة والعشرين عاماً، واعتبرها كثير من المدونين في السعودية إحدى أبرز رائداته، كما كان لها الدور البارز في حملة المطالبة بالإفراج عن المدون فؤاد الفرحان ومن جهودها في ذلك إنشاء مجموعة freefouad على الفيس بوك، ودخلت هديل في الغيبوبة قبيل الإفراج عن الفرحان بعدة أيام.
شاركت هديل الحضيف في العديد من البرامج التلفزيونية في قنوات عدة. وأصدرت مجموعة قصصية بعنوان "ظلالهم لا تتبعهم" من إصدارات مؤسسة وهج الحياة الإعلامية في العام 2005، كما عرضت مسرحية من تأليفها بعنوان "من يخشى الأبواب" على مسرح جامعة الملك سعود بالرياض، وفازت بالمركز الأول في مسابقة النص المسرحي، ضمن فعاليات النشاط الثقافي عام 2006.
بعد وفاتها رحمها الله تم وضع جائزة تحمل اسمها ، تحت مسمى جائزة هديل العالمية اللإعلام الجديد . موقع الجائزة http://www.hadeelprize.org/
ظل حيادي:- 3 "أخبرتك كثيرا بأني لست عميقة.. بل مظلمة..!"
~ ظل حيادي 4 "قبل أن تتمادى.. الورق ليس سوى كذبة العمر الأزلية.. والقلم أكبر متواطئ في الجريمة.. وقبل أن يسحبك الزيف إلى وحله.. ثق بأن مايكتب في بياض الأمل.. يمحيه سواد اليأس!!" ~ "في يوم اشرق قبل سنتين ,كانت العصافير تسكب ألحانها في الفضاء,فيشيعها الكون مقاطع عطور لاتذبل.بدأت حينها خطواتكِ الاولى نحو (العالم الكبير),و بيدكِ نفس الملف الذي يحتوي خيباتك اليوم.هذه المرة بدا باهتاً كالصور القديمه, تنفض عنها الوانها..لتبقى اسيرة لونين فقط!"
~ "7/شوال: واغادرك سيدتي الجميلة..مع مطلع شمس لا أعلم ..أتغيب ..ام اسبقها للغياب.. وأذوب في الافق البعيد.. سأحدثك يا ارضي بحكاية طويلة..بدأت ذات ليلة,كحلم في طور التكوين.. ابيض..دافئ..جميل,بعينين مغمضتين..تخبئ داخلها فراشات ملونة.. وعصافير صغيره.. أجزم انه كان رائعاً..تعهدته بالرعاية..كنت أرقب نموه..وانتظر اللحظه التي اعلن فيها عنه:((ورقة ملفوفة بشريط شفاف ناعم..معطف مخملي.. قبعة تخرج..وبسمات تغمرني من كل اتجاه بوهج لا نهائي))"
~ "اليوم اسافر يا وطني إلى هناك للمرة الألف..بحلم لم يعد ذاك الحلم القديم..غدا مرعباً مخيفاً..اليوم أغادر ياوطني..وفي روحي آلاف الندوب..والنافذه تقف كحاجب شرس على بابك..فتمنعني عنك.. واليوم سأجثو عند قدميك ياوطني..طالبا العفو عن أحلام أخذتني عنك بعيدا.. وطني.. وللجرح اوطان أحملها اينما اتجه بي السفر!!"
~ "كل آماله تداعت,ولم يعد يرغب سوى بجناحين يحملانه إلى حيث وطن من أزل مهاجر. ان يغمس قدميه الحافيتين في رمله الدافئ.. ينسج من خيوط شمسه اصدقاء من ذهب.. ويصدح بأغنيات الطفولة على الساحل الطويل.. ثم يعود ليلتقط ماقذف المد من يقايا ألحانه..على الشاطئ. أراد أ يحطم القيد..أن يفسح الفضاء لصرخته مكاناً..لكن الصوت ارتد للداخل سكيناً تمزق ما تبقى من امنيات.."
~ "هذا النسيان الناقص يعرف تماما الطريق المستقيم نحو..الجنون!"
قرأته .. بعد وفاتها .. رحمها الله رحمة واسعة وأسكنها فسيح جنانه ..
لها أسلوب خاص ومميز وسرد أدبي بليغ .. في كتابها الأول استطاعت أن تجذب الأنظار قبل أن تغادر العالم فيصدر لها كتابين بعد وفاتها تغمدها المولى برحمته ..
هديل الظاهرة التي أثارت عالماً بسكونها عنه وحركت الماء الراكد بوقوف مائها وكان لكلماتها حضور قوي وأنشأ باسمها جائزة عالمية تهتم بالإعلام الجديد .. وهي بذاتها لم تتصور أن يكون لها ذلك الأثر الكبير ..
كتاب رائع غاص قلبي في دقاته حين فتحته، لأجد مقدمتها التي أحيتها حروفها مما كتبت: البيت موحش، كمعبد مؤذي تسكنه الأشباح، دخلت غرفتي واستلقيت على الفراش أرتقب مجيء أمي ككل ليلة، بدا الصباح ميتاً، لم أسمع صوت الأواني بالمطبخ، ولم أشم رائحة(حمس)القهوة (بعد أن قرأت هذه السطور قفزت لأقبل أمي) هديل رحمك الله بعدد دموع من قرأ كتابك ائتسر بظلالك التي لا تتبع أشخاصها
هي هديل محمد عبدالرحمن الحضيف، روائية وقاصة سعودية، ولدت في الرياض عام 1983 عُرفت في ازمان لم تمضي بعيدًا، ايام الماسنجر والشات، وكانت من اوائل السعوديين، ممن دخلوا التدوين وافتتحوا مدونة، وكان قلمها الرنان محل محبة ورؤية وفي احداث اخرى ضجة ونقاش، احبها الجميع رغم ذلك. بل حصلت على صيت وشهرة لا يقترن بها حاليًا إلا مشاهير السوشل ميديا في الوقت الحاضر. كانت مدونتها الشهيرة "قارع باب الجنة" تستغل مساحة وحيز عالي في مجال المنتديات والمدونات بشكل عام وبتداولات الحديث بشكل خاص. دخلت بغيبوبة بضروف غامضة مفاجئة، وضلت راقدة ٢٥ يومًا تصارع الحياة والموت، بموازات محبيها وداعمينها عبر الانترنت، ممن اشعلوا الدنيا وما عليها وصعدوا الأمر، حتى وفرت لها العناية اللازمة. مع ذلك وافتها المنية في صبيحة يوم ��لجمعة من عام 2008 … هذه قصة هديل بإختصار شديد مخل. اما بالنسبة لي شخصيًا فلم اعرفها إلا من مدة بسيطة، بحدود الشهر او ما يزيد. واستطيع القول انه لم يؤلمني فراق شخص لا اعرفه ولا اعلمه، مثلها. لقد آلمت قلبي وضربت وجداني، وجعلت روحي صريعة نصوصها وكتاباتها. تلك الأحلام والآمال والطموحات الكبيرة، كيف شقت السماء بنجاحها وكان الجميع يشهد لها بعلوا الشأن والحضوة مستقبلًا، قبل ان يختطفها الموت بيديه. لطالما دعيت لها بالمغفرة والرحمة، وحتى الآن يشاع ذكرها رغم طي وجودها، ولم ينسوها محبينها قط. اما كتابها هذا "ظلالهم لا تتبعهم" عبارة عن مجموعة قصصية، لم يعجبني فيها إلا قصة ضيء، والحقيقة وان اردنا ان نكون قريبين من الواقع فهي عادية بل اقل من المقبولة. لإحياء ذكراها انما قراءة اول مجموعة قصصية لها، وبإنتظار ان اتحصل على كتابيها الأخيرين "غرفة خلفية" مجموعة قصصية اخرى و "قارع باب الجنة" وهي جمع والدها لمدونتها ووضعها بكتاب يخلد ذكراها بعد رحيلها.
رحمك الله يا هديل، ورزقك جناته وفردوسه الكريم، وجمعك بمن تحبين وعوضك عن ايامك الذاهبة، والموت الخاطف الغادر اللئيم لسنك الصغير.
كان بامكاني أن أنهيها في جلسة واحدة .. لكن أجبرت نفسي على أن أجزئ الكتاب ما استطعت لذلك سبيلا ، هديل التي عرفتها من خلال مجلة حياة ، وعبر باب الجنة .. بدت في ظلال لا تتبعهم ..على "سجيتها" ، شفافة ..نقية .. و ..حزينة .. ! في اعتقادي .. أن المجموعة قد صورت مراحل حياتها الأخيرة :" رحمة الله عليها .. في البداية ..كانت القصص تحكي نضالا ..مقاومة .. ورغبة في الحياة .. ثم ما لبثت أن فترت عزائمهم فاختاروا الموت طواعية .. وأشرعوا له أبوابهم .. بلغة هديل الفاتنة والحزينة .. صورت ألم الغياب .. و وحشة ..لوعة الفقد ..والحنين ..كانت قريبة جداً من النفس .. لأنها تحكي عن واقع جربته ..منذ نعومة أظفارها .. اللهم ارحمها واغفر لها .. وأدخلها في مستقر رحمتك ..يارب العالمين ()"
أحبّ أن أقرأ روح هذه الطيّبة .. لكلماتها أنين يهزّ الضلوع .. قصصٌ قصيرة .. رغم أن هذا النوع من الكتب لا يستهويني .. إلاّ أن هديل / رحمها الله .. تجعل لكل شيء نكهة مختلفة .. أحببت الكتاب .. وما ان انهيته حتى ابتلعت دمعتي مع اخر حرفِ فيه ..
غير جميل.. لم يكن الأمر جميلا على الإطلاق.. لم يكن جميلاً أ�� تتعقد الكلمات في فمي.. لأطلب حقي، قبل أن أردّها الى قلبي، هشيم زجاج.. دون أن تسمعها!! - هديل الحضيف
جميل، أعجبني بغض النظر عن كونه كئيب و حزين جداً. قصص قصيرة أو خاطرة قصصية معظمها ينتهي بالموت. و كأنها ترى مصيرها معلق أمام عينيها!
غامضة أو.. مظلمة ليس لها معنى حتى تقرأ اخر جملة او مقطع.
خفيف و يستحق القراءة.
الله يرحمها و يغفرلها
اعجبني:
"كل ذلك لم يعد يثير اهتمامي، ولا حتى الأصدقاء، الذين لم يكونوا يوماً أصدقاء، ولا الأعداء الذين تزوجوا و انجبوا مزيداً من الأعداء."
قرأته في وقت قياسي رغم أني لا أميل للكاتبات الأدبية الصرفه التي تشعرني بحالة من صعوبات الفهم والاستيعاب .. إلا أنه إحتوى على معاني جميلة .. و رحمك الله يا هديل ..
الفترة التي ظهرت فيها المنتديات في العالم العربي، وكانت منبراً مؤثراً فيه، هي بالنسبة لي فترةٌ رائعة وأحنّ إليها، وأتمنى فعلاً لو عشتُها أكثر مما عشتٌ عصر وسائل التواصل الاجتماعي..
هذه مصافحةٌ لن تكون الأخيرة لهديل الحضيف رحمها الله، حيث أن أ��به�� كان من أدب المنتديات ذاك، والذي أحنّ إليه، وأتمنى لو أستطيع بأي شكلٍ أن أعود إلى أجوائه وعوالمه.. ولكن للأسف أنه قد تم تجاوزه.
النصوص جميلة، والإحساس صادق، والأفكار نبيهة.. لكنّ هديل تستطيع الكتابة أفضل مما كتبت، وهذا ما أثق أني سأقرؤه في أعمالها القادمة بعون الله.
رحمك الله ياهديلّّّّ ّّ******** ظل حيادي كل شيء بعدك يشي بك ******** ظل حيادي اصابع بعيده .. اتدرك الروح المتخلفه وسط الظلام .. الروح التي تحيا ببطء.. وتخشى الموت لشدة هشاشتها .. متى اخر مره لمستها اصابعك البعيده..؟ ******** ذريعة الضوء .. لاغتيال المسافة .. لم أعبأ بالأمر بداية، إذ أبت ملامحه الظهور.. كان الليل يتجرع ساعاته، دون أن يزعج الأطفال النائمين داخل البراويز الكثيرة، بينما يتمادى السائل القلوي في حرق أصابعي، حلكة عمياء تمعن في غرز عينيّ بأشواكها، والرائحة الحادة تقتل حاسة الشم لديّ ببطء. نصف ليلة عبرتني، دون أن تظهر ملامحه، حتى أويتُ إلى نومٍ مضرّج بوجهه! لا أدري ما الذي ملأ شريط (الفيلم) به، كان الشريط الأخير بعد عمل صحفي مضني، و قرّر القدر أن تكون محطته الأخيرة، قبل أن يصعد حافلة لـ يمضي، لا أعلم إلى أين ، أعلم أنه مضى، و موقنة من أنه لم يترك رسالة لمسافة الزمن الأجدب، التي استشرت بيننا دائماً. لم نلتقِ إلا قليلا، عملي الميداني، يتطلب مني غيابا طويلا عن المنزل، في وقت لا تتيح له تجارته قُربا مستمرا.. كنّا نتوازى كثيرا، ونلتقي على عجل، بحقائبه المرتّبة للسفر كحقيقة ماثلة، و عنقي المطوّق بـ (كاميراتي) دائما
***
” نظراً لجودة الصور التي تزودين الصحيفة بها، واختيارك الجيد للموضوعات. إضافة إلى تغطيتك لكثير من الفعاليات التي تقام في المدينة، يسرنا دعوتكِ للانضمام إلى طاقم التحرير في الصحيفة، وتوقيع عقد رسمي بمرتب شهري يُتفق عليه حال موافقتك على بنود العقد”
رئيس تحرير صحيفة العاصمة جمعة الخميس
نسخة للمصورة ميسان الخالد نسخة للصادر
***
36 صورة ، لا تحمل وجهاً أو ملامح ، لا تحمل صوتاً كذلك، مع يقيني أنه لا يجب أن تحمل صوتاً، هكذا درست ، وهكذا كتب الله على هذه المادة السوداء المـُبصرة . لم أيأس من كون النتيجة متكررة.. 36 بقعة بيضاء، ذاكرة مجوفة تماما، دائرية الأطراف، بحواف سوداء حادة، تنفي كل التفاصيل إلى خارجها. ***
بذرة من قلق وقعت في القلب، فوجدت لها مكانا آمنا للنمو. لم أجدني بحماس كهذا من قبل، تجاه أيّ صورة سابقة. محاولتان فاشلتان، كانتا كافيتان جداً لأن أتوقف عن إظهارها.
كنتُ أبرر لنفسي هذا الحماس.. بأني يجب أن أوجد له مكانا مميزا في سجلّ الذاكرة، رغم أني أكثر من يعلم بأنه لا يستحقه، أو ربما لأني أريد إرضاء ضميري الذي مارس عليّ ساديّة مفرطة، لعدم حزني على غيابه كما يجب أن تفعل أي امرأة تجاه رحيل زوجها، فأردتُ لموته رهبة أكثر. كنت أخاف نسيان ملامحه، خصوصا أني لم أجد أي صورة له، كان الألبوم الذي نرتب به ذاكرتنا.. خاليا، و تبدو آثار نزع عنيف للصور، لم يبق سوى تلك التي لا تحمل غير أماكن خاوية، أو مقاعد لا أثر لجلوس إنسان عليها، حتى أشرطة الفيديو التي توهمتُ وفاءها، وجدتها مملوءة بتسجيلات لمباريات كرة القدم من بطولة كأس العالم الأخيرة !
طوال النهار التالي كنت أبحث في الخزائن التي لفظت أشياؤه سريعا بعد موته، علّ دليل ينتشلني من التيه، فما وجدت غير يباب، و رماد بارد صبغ يديّ بلون شاحب كالرحيل.
***
كل الوجوه.. مسافرة.. أو على شفا سفر.. تلح بإصرار غريب على ترك مساحات الذاكرة نظيفة من غير أثر. كنت أظن أن وجهه هو الوحيد الذي تقاعدت ملامحه عن الظهور، حتى أدركتُ بأن الصناديق و الأشرطة السوداء لا تهدر بغير بياض صاخب. بعد محاولات منهكة، و فاشلة في إظهار تفاصيل تلاشت قبل أن توجد. تقلدت ��لتي، و مضيت أحرث في دروب قحلت من خطاي منذ زمن بعيد. ***
ابتسامة قرض السوس شيئا من بهجة أسنانها الأمامية.. مقعد خشبي، انحنى فوقه ظهر مثقل بالعمر.. عينان مغرقتان بالانتظار.. و تفاصيل لوجوه مارقة، لا تلتفت..ولا تتمهل..
***
كتب-المحرر حازت المصورة (ميسان الخالد) في صحيفة العاصمة، على جائزة الدولة الأولى في التصوير الفوتوغرافي، عن مجموعتها الأخيرة المعنونة بـ(ملامح)، و التي تميزت بنظرة مختلفة، و طريقة تجريبية جديدة، تستحق المتابعة. الجدير بالذكر أن ميسان، التي عُرِفت بتصويرها للبورتريهات، و مظاهر حياة الشارع، امتنعت عن التعليق على فوزها، و اكتفت بشكر لجنة التحكيم التي أحسنت الظن بصورها. متمنية للجميع حظا جميلا. ***
لا شيء ! تماما لا شيء !! سوى لفائف سوداء سرمدية، تمعن في تناسل عقيم .. لا وجوه .. سوى بقعة من بياض متوهج، يمسخ الملامح.. يقود الأعين لجنون الألوان.. يحيل الأنوف و الأفواه.. إلى مسوخ من نور !
كيف يغدو النور مرعبا إلى هذا الحد؟! لِمَ يمارس تهميشا مستمرا للذاكرة ؟!
لا أستطيع الاستمرار في حياة من برزخ ! هذا النسيان الناقص يعرف تماما الطريق المستقيم نحو.. الجنون ! كيف تقتنع طفلة جيراني التي طلبت مني التقاط صور لها هذا الصباح، أن لعنة الفراغ تلاحقني؟ وأن أصابعي قد تمكن منها الموت، وعدستي عمياء؟! وأني لن أظهر صورا لا تعبأ بي.. و تتبجح بوجوه لا تطل إلاّ على الآخرين ! ..
"هنا شتاتي بلا هيئة، وبلا شكل.. أخربشه على حائط العشرين، قبل أن أغادره إلى الأبد"
رحمك الله يا هديل
اقتباس:
"كانت جنازتي في منتصف النهار، الضوء قد ألبس كل التفاصيل في شارعي وضوحاً صارخاً. رأيتني في الشرفة أطل على الأولاد الذين يلعبون بكرة لم يمنحها هواؤها الشحيح تكوراً كاملاً، ورأيتني مع ابنة جيراننا دون أطفالها الثلاثة. ورأيت الكثير من حولي ومن خلفي، كلها وجوه أعرفها وأتقن ملامحها، كانوا يهتفون جميعاً بوقت واحد، وكنت سعيداً بالجموع التي تندد بالموت.. بمن أبعدني عنهم، وأنتشي في نعشي الصغير ويكبر جسدي وأهم بشكرهم جميعاً قبل أن أجد المقبرة فارغة، والشرطة من خلف الجموع تفرق مظاهرتهم ضد مسؤولي البلدية الذين لا يأبهون لشارع يفتقد منفذاً للتصريف"
قبل أن تتمادى.. الورق ليس سوى كذبة العمر الأزلية.. والقلم أكبر متواطئٍ في الجريمة.. وقبل أن يسحبك الزيف إلى وحله.. ثِق بأن ما يكتب في بياض الأمل.. يمحيه سواد اليأس!!
ترددتُ قليلًا في شراءة لأنه مجموعة قصصية قصيرة فأنا لا أُحب هذا النوع من الكُتُب ولا أُحب قراءتها إلا ما رحمَ ربّي ، غظظتُ النظر عن هذا و وثقتُ بحرفها فهممتُ مسرعةً باقتناءه والحمدُلله لم تخذلني هديل كعادتها فهي مازالت تُبهِرُني في كُل مرّة يُذكر اسمُها، قلبتني حروفها رأسًا على عقب، هي قِصَصٌ تجعلُك في متاهةٍ فريدة ، تنتهي بغموضٍ جميل .
لطالما قُلت وأقول : رحمك الله يا هديل ولُقياكِ بالجنّة يارب ") ( )+
قد يعتقد الكثيرين أن موت هديل، هو الذي بعث الروح في كتبها، ولكن من يقرأ لها يعلم يقيناً بأنها لو كانت بيننا لأصبح لها شأناً آخر، ولكنه قدر الله
رحمك الله يا هديل
ملاحظة: عرفت هديل عن طريق والدها الدكتور محمد الحضيف، الذي أعتبره مثالاً وقدوة في كتابة الروايات التي تصنع الجيل الاسلامي الذي ننشده، فبعد قراءتي لإحدى رواياته، أحببت أن أبحث في سيرته الذاتية لأجد الطريق يقودني إلى ابنته هديل
” ظلالهم لا تتبعهم ” لهديل الحضيف- رحمها الله - من إصدارات وهج الحياة 1425ه / 2004 م من القطع المتوسط وتشتمل على 11 قصة قصيرة من أجمل ما قرأت ، وإن كنتُ قرأتها متفرقة في مجلة حياة للفتيات فإني لا أمل من قراءتها
أتوقع أن العاطفة شدتني لشراء أي شي لهديل، لكن الكتاب مغلف ولم استطيع القراءة .. خيب أملي لم استطيع إكماله حاليًا ممل جدًا .. كنت أتوقع أنه تحفة عظيمة من خلال قراءتي لاقتباسات لهديل.