بين القديم والجديد، بين الأصالة والمعاصرة، تسعى عيون النقاد، وتُعقد المقارنات. و«طه حسين» — الأديب والناقد الذي سَبَر أمهات الكتب التراثية — لم ينغمس في الماضي الانغماس التام الذي يضعه بمعزل عن حاضره، بل كان معنيًّا بمتابعة الحركة الأدبية الحديثة وتقييمها وتقويمها؛ فهو في كتابه الذي بين أيدينا يقدِّم مراجعات نقدية متميِّزة لعدد من الكتب التي ألَّفها معاصروه، أمثال: محمد حسين هيكل وقصته «هكذا خُلقت»، ونجيب محفوظ وروايته «بين القصرين»، وعبد الله الفيصل وديوانه «وحي الحرمان»، وثروت أباظة وروايته «هارب من الأيام». ويناقش المؤلِّف كذلك مسائل أدبية ونقدية كالتجديد في الشعر، والواقعية كمذهب أدبي، وجمود اللغة وتجدُّدها، وتطوُّر الذوق الأدبي، كما يتعرَّض بالنقد لأداء مجامع اللغة العربية
طه حسين عميد الأدب العربي هو أديب ومفكر مصري تمكن من النبوغ والتفوق في إثبات ذاته على الرغم من الصعوبات الكثيرة التي واجهها في حياته، والتي يأتي في مقدمتها فقدانه لبصره، وهو ما يزال طفلاً صغيراً ولكنه أثبت بمنتهى الصمود، والقوة أن الإنسان لا يجب أن يوقفه عجزه أمام طموحه، بل على العكس من الممكن أن يكون هذا العجز هو عامل دفع وقوة، وليس عامل إحباط، وهو الأمر الذي حدث مع هذا الأديب العظيم الذي على الرغم من رحيله عن هذه الدنيا إلا أن الأجيال الحديثة مازالت تتذكره ومازالت كتبه واقفة لتشهد على عظمة هذا الأديب العظيم.
كان لطه حسين أفكار جديدة متميزة فطالما دعا إلى وجوب النهضة الفكرية والأدبية وضرورة التجديد، والتحرير، والتغيير، والاطلاع على ثقافات جديدة مما أدخله في معارضات شديدة مع محبي الأفكار التقليدية، وكانت من أفكاره أيضاً دعوته للحفاظ على الثقافة الإسلامية العربية مع الاعتماد على الوسائل الغربية في التفكير.
شغل الدكتور طه حسين العديد من المناصب، والمهام، نذكر منها عمله كأستاذ للتاريخ اليوناني، والروماني، وذلك في عام 1919م بالجامعة المصرية بعد عودته من فرنسا، ثم أستاذاً لتاريخ الأدب العربي بكلية الآداب وتدرج فيها في عدد من المناصب، ولقد تم فصله من الجامعة بعد الانتقادات، والهجوم العنيف الذي تعرض له بعد نشر كتابه "الشعر الجاهلي" عام 1926م، ولكن قامت الجامعة الأمريكية بالقاهرة بالتعاقد معه للتدريس فيها.
وفي عام 1942 أصبح مستشاراً لوزير المعارف ثم مديراً لجامعة الإسكندرية حتى أحيل للتقاعد في 16 أكتوبر 1944م، وفي عام 1950 أصبح وزيراً للمعارف، وقاد دعوة من أجل مجانية التعليم وأحقية كل فرد أن يحصل على العلم دون حصره على الأغنياء فقط " وأن العلم كالماء، والهواء حق لكل إنسان"، وهو ما قد كان بالفعل فلقد تحققت مجانية التعليم بالفعل على يديه وأصبح يستفاد منها أبناء الشعب المصري جميعاً، كما قام بتحويل العديد من الكتاتيب إلى مدارس ابتدائية، وكان له الفضل في تأسيس عدد من الجامعات المصرية، وتحويل عدد من المدارس العليا إلى كليات جامعية مثل المدرسة العليا للطب، والزراعة، وغيرهم.
أثرى طه حسين المكتبة العربية بالعديد من الأعمال والمؤلفات، وكانت هذه الأعمال الفكرية تحتضن الكثير من الأفكار التي تدعو إلى النهضة الفكرية، والتنوير، والانفتاح على ثقافات جديدة، هذا بالإضافة لتقديمه عدد من الروايات، والقصة القصيرة، والشعر نذكر من أعماله المتميزة " الأيام" عام 1929م والذي يعد من أشهر أعماله الأدبية، كما يعد من أوائل الأعمال الأدبية التي تناولت السيرة الذاتية.
مجموعة مقالات قام بكتابتها عميد الأدب العربي في جريدة الجمهورية. تحدث خلالها عن عدد من الأعمال الأدبية، روايات واشعار، وكذلك عن أسماء كُتَّاب بعينهم مثل محمد حسين هيكل، نجيب محفوظ، ثروت أباظة... أكثرهم فائدة بالنسبة لي كان مقال «في الذوق الأدبي» تحدث خلاله عن التعليم وما وصل إليه المناخ الأدبي، واللغة العربية في العموم. كان عظيم جدا. مقالين نقد الأشعار كانوا مملين. الله أكبر عليا، مفهمتش أصلا الأبيات عشان افهم نقدها👏🏻😁
تقريبا مقلش كلمة حلوة في حق حد غير نجيب محفوظ. مرة في نقد رواية بين القصرين، ومرة ليرد على من يتحدثون عن تبسيط اللغة حتى يفهم أدبهم العامة من الناس: ويكفي أن اذكر لهم اديبنا البارع نجيب محفوظ، فلست أعرف أصدق منه تصويرا لحياة الشعب المصري، ولست أشك في أن كل قارئ أو سامع لقصصه يفهم عنه في غير مشقة مهما تكن بيئته، ومهما يكن حظه من الثقافة والتعليم، وهو على ذلك يكتب بلغة فصيحة لا غبار عليها، ويرتقي بقصصه أحيانا إلى منازل الشعر الرفيع دون أن يشق على قارئ أو سامع في شئ مما يكتب أو يقول.
مجموعة من المقالات النقدية التي كتب بعضها في صحيفة الجمهورية. تحدث عن بعض الشعراء مثل الأمير عبدالله الفيصل ، وعبدالله الطيب، وتحدث عن قصة هيكل ، وثروة أباظة.. تحدث عن الذوق الأدبي، وكذلك تحدث عن الفن وأين يضعه الناس فسواء الفن الرفيع أو الوضيع يُطلق عليه "فن" ويرى أن هذا تجاوز لحدود مفهوم هذا الفن.
في كل مقالة يبدأ بمقدمة يتحدث فيها عن الشاعر أو القاص أو القضية دون أن يفصح عن صاحبها ، ثم لا يذكر اسمه إلا نادراً ولعله يركز على النص أكثر المؤلف نفسه، وقد يكون يستدرج القارئ لقراءة بقية المقالة..
عند حديث عن الأديب السوداني عبدالله الطيب ، أخذ عليه بعض الشعر الذي يغمز فيه "مصر" بلد "طه حسين" ، وما أجمل رد طه حسين، عندما لم يعنفه ولم يقصيه أو يعرضّه لسلطة الناقد فلم ينتصر لنفسه ، وأين كتابنا من ذلك ، يقول : "عفا الله عنك أيها الشاعر الصديق ما أكثر ما ذكرت خيانة الود ونقض العهد والإخلال بحق الإخاء ، وها أنت تورط نفسك في بعض ما أنكرت على من خان عهدك من الإخوان والخلان، فاردد على نفسك بعض حلمك ولا تطع الهوى فيضلك عن سبيل الله واذكر قول الشاعر القديم: إذا طاوعت الهوى قادك الهوى إلى بعض مافيه عليك سبيلُ وأنا على رغم هذا كله أهنئك بشعرك الرائع وأتمنى أن يذوق منه قراؤك مثل ماذقت..." حريٌ بكتّابنا اليوم أن ينظروا إلى هذا النموذج الفذ الذي لا يُعمل سلطته النقدية في الإقصاء أو الانتصار للنفس على حساب الأهواء الشخصية ، بل يضع كل شيء موضعه..
من الاقتباسات في الكتاب: "الأصل في الفن حرية خالصة من جهة وقيود وأثقال من جهة أخرى" "نجيب محفوظ أصبح فقيهاً بالنفس البشرية بارعاً في تعمقها وتحليلها..." الأدب "يُقاس بالإعراب عن جاجة الشعوب إلى ما يقيم حياتها المادية..." "الكاتب مسؤول أمام ضميره أولاً وأمام الجماعة التي يكتب لها ثانياً"
اخلع نعليك فأنت في حضرة عميد الادب , باتخيل حضوري لجلسة فيها طه حسين بيقدم نقد لروايات معاصرة او شعر معاصر او حال الادب والفن في وقته, بتخيل الافتتان باللغة والاسلوب والعبارات الموزونة وبالفصحي الرصينة الي بتخرج منه بكل سلاسه , الكتاب هو عباره عن مجموعة مقالات بيقدم وجهة نظره مخلوطة بنقد لبعض الاعمال الادبية في عصره , المحزن جدا في الكتاب لما تجد طه حسين متعجب من سطحية بعض الادباء في ع��ره ومن رداءه الفن والغناء اللي اعتقد انه لو كان موجود في وقتنا كان اصيب بالخرس من سوء الحال , كتاب صغير لكن بياخدك لعصر تاني برؤية اجدر الناس علي وصف الاحوال الادبية وقتها
مجموعة من المقالات قدم فيها مراجعات نقدية متميِّزة لعدد من الكتب التي ألَّفها معاصروه، أمثال: محمد حسين هيكل وقصته "هكذا خُلقت"، ونجيب محفوظ وروايته "بين القصرين" وذكر انه عمل متقن ورائع يتميز بالدقة والعمق ، وعبد الله الفيصل وديوانه "وحي الحرمان"، وثروت أباظة وروايته "هارب من الأيام".و نيكوس كازانتزاكيس وروايته "الحرية أو المو��" التي قال عنها انها من أروع ما قرأ.
كما ناقش مسائل أدبية ونقدية كالتجديد في الشعر، والواقعية كمذهب أدبي، وجمود اللغة وتجدُّدها، وتطوُّر الذوق الأدبي، كما يتعرَّض بالنقد لأداء مجامع اللغة العربية
آخر معرفتي ب طه حسين كانت في كتاب الايام الذي درسناه في الثانوية العامة، و اعد نفسي قد اعدتُ اكتشاف طه حسين في هذا الكتاب، هو قاص رائع جداً يلخص القصة او ديوان الشعر تلخيصاً يزيده جمالاً و روعة، و بسبب مشاهدتي للقاءات طه حسين علي ال YOUTUBE فقد كنت اقرأ هذا الكتاب بصوته، تجربه فريدة و رائعة، و اشكر الهيئة العامة لقصور الثقافة علي اعادة طبع و نشر هذه الاعمال ♥️♥️♥️♥️
ثاني كتاب اقرأه لطه حسين بعد الأيام _سيرة ذاتية_، أحب كتابات طه حسين بغض النظر على أن أفكاره لا تعجبني، الكتاب من حيث اللغة لا غبار عليه وحتى موضوعه جميل خاصة في نقده لبعض القصص والروايات التي دفعتني تلخيصاته لها لوضعها ضمن برنامج القراءة، نقده كان موضوعي ولا ينقص من شأن الأدباء قط.
لو كان طه حسين حيا بيننا الآن و لديه حساب على الجود ريدز ففي الأغلب كان سيكتب فيه هذه المقالات المنشورة بين دفتي هذا الكتاب. فالكتاب عبارة عن مراجعات لعدة كتب قرأها طه حسين و يدلي فيها برأيه ما بين الإعجاب (وهو السمة الغالبة تقريبا) و الرفض (وهو السمة النادرة)..
للأسف لم أتقبل طه حسين الناقد الأدبي ..شعرت بالمجاملة في أحيان كثيرة في الكتاب.. شعرت بمبالغة أحيانا اخرى... أيضا ذكره أنه قد قرأ الكتاب اكثر من مرة يثير في نفسي التساؤل.. هل هى عادة طه حسين ان يقرأ الكتاب أكثر من مرة لتقييمه؟ ام ان هذا دلالة على إعجاب طه حسين بالكتاب؟ لم يوضح طه حسين هذا ..
و بعيدا عن كل هذا فقد كنت اشعر بالغرور أحيانا أثناء قراءاتي للكتاب عندما أجد الدكتور يتحدث عن كتاب ما أعجبه و بتصادف ان أكون انا ايضا قد قراته و أعجبني.. وقتها يطغي علي شعور قوي بانني أشترك مع الدكتور طه برابطة ما.. حتى لو تلك الرابطة هى اعجابنا بنفس الكتب! .. اعتقد ان هذا نابع من تقديري الشديد للدكتور طه..
على أي حال في المجمل لا اعتبر الكتاب من أفضل كتابات العميد..
الكتاب مقسم لعدة مقالات منوعة ليست لها صلة ببعضها لبعض..وينقسم إلي ١٥ مقالة..إذ يقوم مرة بمدح رواية مثل ما مدح رواية بين القصريين لنجيب محفوظ وأشاد علي إبداعه بها.كما مدح رواية كابتن ميغال وإلي آخره وأكثر المقالات التي حازت علي إعجابي هو مجال في الذوق الأدبي ومقالة ليست ثورة بل دعاء..وسنوات الجامعة العربية فقد تحدث فيها عن سنواتها في دمشق وحقيقة زاد مدح العميد بأُناس سوريا حبي ليهم وحبي للبلاد بشكل عام..وتكلم عن مدى ثقافتهم وهذه نبذة مبسطة عن الكتاب الكتاب:رائع أحببته جدا وحقيقة اعتبره ممراً للوصول لكتب طه حسين اي انني وددت في البداية أن أبدا بشئ بسيط له ولم أكن اتوقع ان الكتاب هو عبارة عن مقالات بل كرواية لكن هذا ما حدث بطبيعة الحال..وترى عندما تقرأ للعميد مدى علمه وثقافته الواسعة وأفتخر كل الفخر بأنه من أهل بلدي وأنه عربي حقاً أحب هذا الرجل بشكل لا يمكنني وصفه البتة..وفي النهاية أنصحكم جدا بقراءة هذه المقالات المقدمة في شكل كتاب